الخميس، 25 يوليو 2013

شعر الوطنية العربية

ابراهيم العجلوني

اين الذين يكتبون اليوم للأزقة الضيقة والحارات المغلقة والانفس المنطوية من ذلك الجيل الذي كان يربأ بوطنيته ان تكون ضيقة العطن محدودة الأفق، لا تكاد تتجاوز احياناً همومه الذاتية الصغيرة..
اين في من تقرأ لهم اليوم من يهتف بقول فؤاد الخطيب:
لبيك يا ارض الجزيرة واسمعي
    ما شئت من شدوي ومن انشادي
لك في دمي حق الوفاء وانه
    باقٍ على الحدثان والآباد
انا لا أُفرّق بين اهلك انهم
    اهلي، وانتِ بلادُهم وبلادي
ولقد برئت اليك من وطنية
    ليست تجاوز موطن الميلاد
فلكل ربع من ربوعك حُرمة
    وهوى تغلغل في صميم فؤادي

واين فيمن نقرأ لهم اليوم من يقول كما قال علي الجارم:
اذا مست البأساءُ اكناف دجلةٍ
    قرأت الأسى في صفحة النيل والكمدا
وان طرفت عينٌ ببغداد من قذىً
    رأيت بمصر أعيناً مُلئت سُهْدا
اخاءٌ على الفصحى توثّق عهدُهُ
    وشُدّت من الايمان اطرافه شدّا
لنا في صميم المجد خيرُ اُبوّةٍ
    زُهينا بها اصلاً، وتاهت بنا وُلْدا

ان هذا الفهم لوطنية العربي هو ما نحتاجه اليوم، وما لا نكاد نجده في صحفنا السياسية ومناهجنا التربوية، ومنابرنا الاعلامية، ونحن، كما لا يخفى على الألبّاء، في زمن المجموعات السياسية الكبرى التي قد تضم امما مختلفة ثقافة ولساناً، والتي يلتمس فيها بجهد جهيد قواسم مشتركة تعزز تماسكها، فما بالنا نحن العرب وعوامل وطنيتنا الواحدة كثيرة نزاور عما يحيينا، وننكص الى ما يجعلنا مزقاً واشلاء وتفاريق يلعب بها اللاعبون، ولا يحسبُ حسابها الحاسبون؟
لقد آن الاوان ان نقيم وطنيتنا على اسسها الحقيقية من دين ولغة وتاريخ واوجاع وتضحيات، وليس كالأدب ولا سيما الشعر، سبيلاً الى ذلكـ، ونحن لا نستيئس في هذه المسألة ولا يدركنا الحبوط، على كثرة ما نرى من غثاء وازباد، فثمة نهر الحياة الذي يلتمس مصبّه في واقعنا الادبي، وثمة بَدَوات مبشرّة من امواجه المتدفعة.. ومن يَعِشْ يَرَ..

0 التعليقات :

إرسال تعليق